عذراً رسولَ الله
الشوق والخوف حلاّ في ربـا أدبـي
والشعر خاف من التقصير عن أربـي
لما وقفـتُ ببـاب الشعـر ممتدحـاً
خيـرَ البريـةِ لاذ الحـرفُ بالهـربِ
البحـرُ مضطـربٌ خوفـاً لرفعـتـهِ
والوزنُ يرهبُ والأفكـار فـي تعـبِ
النحوُ والصرفُ خافـا مـن بلاغتـهِ
وحين أيقنتُ بالإخفـاقِ فـي عجـبِ
صلّى عليـه لسـانُ الحـالِ مفتتِحـاً
فسال شعـريَ إجـلالاً لخيـرِ نبـي
* * *
يا أشرفَ الرسْلِ يا من نهجُ دعوتـهِ
نورٌ مـن الحـق للأعجـامِ والعـربِ
شادتْ خطاك على وجهِ الثرى سننـاً
تهدي الدعاةَ إلى التقوى بـلا ريـبِ
دعوتَ للديـن فـي سـرٍّ تخـطُ لـه
في كلِّ قلبٍ حروفَ الفـوزٍ فـي دأبِ
وحين قيل لكَ ( اصدعْ ) قمتَ في عجلٍ
تدعو العتـاةَ بـلا خـوفٍ ولا رهَـبِ
كم ذقتَ منهم صنوفَ الغدر مصطبـراً
لم ييأس القلبُ رغم الكربِ والنـوَبِ
كم حاولوا عبثـاً إغـراءَ شخصكـمُ
بالملْكِ حينـاً وحينـاً كـان بالذهـبِ
أقبح بعلقهمُ .. مَـنْ يرتضـي بـدلاً
عن جنةٍ قد خلتْ من جملة النصـبِ ؟
كررتَ دعوتهـم والقلـب فـي ثقـةٍ
بوعـد ربِّـك فـي القـرآنِ والكتُـبِ
وددتَ لو تغمـرُ التقـوى أبـا لهـبٍ
أو آمنـتْ بالهـدى حمالـةُ الحطـبِ
لكنّ ربَّـك يهـدي مـن يشـاء لـه
لو شاء صار الورى في زمرةِ النُجُبِ
* * *
الحِلمُ كـان أساسـاً فوقـه ارتفعـتْ
دعائمُ الدينِ فـي عـزٍّ وفـي غلـبِ
فملـةُ الحـقِ لا إرهـابَ يفرضُـهـا
كلا وليس له في الديـن مـن سبـبِ
لكـنْ بإقناعهـم ضـم الهـدى دولاً
في كلِّ قلبٍ نجا مِـنْ سـوءِ منقلـبِ
ضربـتَ بالفعـلِ للأزمـانِ أمثـلـةً
ظلّت بلا شبهٍ .. في مجمـعِ الحقـبِ
كأنّ مشيتَـك القـرآنُ حيـن مشـى
أو أنَّ جِلسَتَـك الأنــوارُ للحـجـبِ
وجهٌ بشـوشٌ وهـمُ الدِيـنِ يحملـهُ
للهِ بسمـتُـه أو نـظـرةُ الغـضـبِ
تواضـعٌ عِفّـةٌ حِلـمٌ تقـىً كــرمٌ
شجاعةٌ في الوغى قـولٌ بـلا كـذبِ
أقمـتَ ليلَـك بالـقـرآنِ مبتـهـلاً
لمْ تشكُ من ليلـةٍ طالـتْ ولا تعـبِ
( عبداً شكوراً) وعفـو اللهِ يغمركـمْ
صلى عليـك الـذي حـلاكَ بـالأدبِ
* * *
هذا محمدُ مشكـاةُ الدجـى .. رجـلٌ
أنوارُ سيرتهِ فـي الأرضِ لـم تغـبِ
تبّتْ يـدٌ رسمـتْ شيئـاً يسـئُ لـهُ
سهامُها لم تنـلْ منـه ولـم تصـبِ
لم يعرفـوه فظنـوا أنهـم وضعـوا
من قَدْرِهِ فانتشوا في سكـرةِ الطـربِ
الكفـرُ ران علـى عـقـلٍ وأفـئـدةٍ
أصابها صـدأٌ مـن فكرِهـا العطـبِ
الكفـرُ ملّتُـهُ فـي الأرضِ واحــدةٌ
كلابُهـا كلُّهـا مقطـوعـةُ الـذنـبِ
لن يطفؤا الشمس لو في وجهها وقفوا
أو يمنعوا النورَ لو زادوا من الحُجُـبِ
لكنّـه الحقـد أعماهـم وحرّكـهـم
خابوا بكبرهـمُ والحـقُ لـم يخـبِ
عذراً نبيَّ الهدى لم ننتفـض غضبـاً
من ضعفنا حربُنا بالشعـر والخطـبِ
حربُ الضعافِ دخـولٌ فـي مقاطعـةٍ
لو نستطيـعُ لكانـت بالـدم السـرِبِ
يا سيدي كلُّنـا ممـا جـرى أسِـفٌ
والفرح من يومها للقلـب لـم يـؤبِ
ذاب الفـؤادُ صـلاةً كــلّ ثانـيـةٍ
لولا هوى المصطفى يا قلبُ لم تـذبِ
***
يا مصطفى مدحتي في شخصكم شرفٌ
لذات شعريَ فـوق النظـمِ والنسـبِ
فاقبلْ إذا وُفِّقَتْ في وصـف دعوتِكـم
واغفر إذا قَصَرَتْ بالشعر عن أرَبـي
منقوله للامانة